الدرس (7)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخذنا في الدرس السابق نظرة على توحيد الربوبية، وهو الركن الثاني من أركان الإيمان بالله سبحانه وتعالى بعد الإيمان بوجوده، وشرحنا في الدرس السابق معنى كلمة توحيد ومعنى كلمة ربوبية ومعنى توحيد الربوبية، وجبنا اكثر من معنى لتوحيد الربوبية علشان ما يصير فيه لبس في الفهم عند البعض إذا دخلنا في موضوع توحيد الأسماء والصفات
واليوم بناخذ درس جديد وهوةعبارة عن الركن الثالث من أركان الإيمان بالله وهو
توحيد الألوهية
ونقول في هذ الدرس
زي ما عرفنا من أول إن معنى كلمة توحيد هو جعل الشيء واحدا، والألوهية مشتقة من كلمة الإله
والإله تعني المعبود محبة وتعظيما، لاحظوا الشرطين (محبة وتعظيما) لأنك ممكن تحب واحد ولكنه سافل زي اللي يحب وحدة عاهرة مثلا، وممكن تعظم شخص وإنت تكرهه زي لو تعظم رئيس الدولة خوفا منه أو طمعا فيه ولكنك في قلبك تكرهه
أما المحبة الخالصة مع التعظيم الخالص فهذه خاصة بالله سبحانه وتعالى
وتوحيد الألوهية يعني جعل الإله واحد، بمعنى أوضح وأدق يعني تخصيص العبادة لله وحده لا شريك له، ما نقصد بعبادتنا أحد غير الله سبحانه وتعالى
وتوحيد الألوهية يسمى بتوحيد الألوهية ويسمى بتوحيد العبودية أوالعبادة
نقول إنه توحيد الألوهية نسبة إلى الله سبحانه وتعالى، يعني ما يستحق العبادة اللي هي التذلل محبة وتعظيما إلا الله سبحانه وتعالى هو وحده المستحق لها
ونقول إنه توحيد العبادة بالنسبة لنا يعني نقوم بالعبادات كلها قاصدين بها الله سبحانه وتعالى وحده وما نقصد بها واحد ثاني
والعبادة لها اكثر من تعريف نكتفي الآن بتعريف جامع لها وهو تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية
قال: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة
فكل شيء يحبه الله ويرضاه يعتبر عبادة، وبناء على ذلك ما يجوز لنا نقصد بأي عمل يحبه الله ويرضاه سواء عمل القلب أو اللسان أو الأطراف إلا لله سبحانه وتعالى وحده،
وأعمال القلب زي دروس العقيدة هذه، الإيمان بالله وملائكته ونحوها
وأعمال اللسان زي التلفظ بالشهادتين وقراءة القرآن ونحوها
وأعمال الجوارح زي الصلاة والصوم،
وناخذ مثال زي الصلاة، فاللي يصلي للصنم أو للحجر أو لملك أو نبي أو رجل صالح أو جني أو أي شيء فهذا مشرك شرك اكبر خارج عن الملة
قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) سورة الأنعام)
والنسك هو الذبح لغير الله أو على غير اسم الله، وعلشان تعرفون خطورة الموضوع هذا في عصرنا تلقون ناس كثير في غزله وفي أغانيه يقول أنا ما خلقت إلا لك يا حبيبتي، أنا حياتي كلها لك ومن الكلام هذا، والآية واضحة وصريحة إن الصلاة والذبح والمحيا والممات يعتبر عبادة خالصة لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له وأن هذا هو أمر الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ولأمته عموما
فنقول
إن توحيد الألوهية يعني إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، أوإفراده بأفعال العباد وعدم توجيهها لغيره سبحانه وتعالى
وتوحيد الألوهية هذا هو اللي خلق الله الإنس والجن من أجله، لأن توحيد الأولهية هو توحيد العبادة، والعبادة هي الهدف والغاية من خلق الإنس والجن، قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)سورة الذاريات)
ومعنى يعبدون يعني يوحدون
وتوحيد الألوهية هو اللي ارسل الله جميع الرسل ليجددوه للناس، مافيه رسول إلا وهو يدعو الناس إلى توحيد الألوهية
قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) سورة الأنبياء)
كلهم الأنبياء كانوا أول ما يدعون قومهم يبدون معهم بتوحيد الألوهية، واولهم نوح عليه السلام أول الرسل وليس ادريس عليه السلام زي ما يقول بعض المفسرين، نوح أول الرسل
وكان نوح عليه السلام يقول لقومه (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) سورة الأعراف)
وكان هود عليه السلام يقول لقومه (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (65)سورة الأعراف)
وكان صالح عليه السلام يقول لقومه (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)سورة الأعراف)
وكان شعيب عليه السلام يقول لقومه (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (85) سورة الأعراف)
فالحاصل إن كل الأنبياء كانت دعوتهم واحدة وكانوا يدعون إلى توحيد الألوهية،
والله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم الأدلة الكافية لتقرير توحيد الألوهية وهي نوعين
الأول
إن الإقرار بتوحيد الربوبية يجبر الشخص على الإقرار بتوحيد الألوهية
فالخالق المالك المدبر هو المستحق للعبادة وحده، والكفار كانوا مقرين تماما بتوحيد الربوبية،
قال تعالى (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) سورة يونس)
وفي آيات كثيرة جدا يذكر الله مثل هذه الأمثلة ويذكر اعتراف الكفار بها
مثل قوله تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)سورة الزخرف)
الثاني
إن الآلهة المعبودة من دون الله ألوهيتها باطلة لأن مالها من خصائص الربوبية شيء، فهي مخلوقة وليست خالقة، وهي لا تملك شيئا ولا تخلق شيئا ولا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا ولا تحيي ولا تميت ولا تبعث ولا تستطيع عمل أي شيء فكيف يجي عاقل ويعظمها ويحبها ويتذلل لها وهي بالعجز هذا ويترك القوي القادر على كل شيء؟
قال تعالى(وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3)سورة الفرقان)
وقال تعالى (أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192)سورة الأعراف)
نكتفي اليوم بهذا الدرس
ونتابع ما تبقى في الدرس القادم إن شاء الله
موضوع: العقيده الاسلاميه 
السبت ديسمبر 08, 2007 10:09 pm
